39

إلتئام روح ( 3 )

.... تنتبه علي صوت آذان الظهر تردده في هذا المكان له وقع خاص علي النفس تنهيده قوية تحاول أن تخرج ضيقها .... حسناً لا شئ هنا سوي صمت القبور لافائدة من الحديث مع الموتي عودي من حيث أتيتي ربما لم يحن الوقت بعد
تخطو ببطء داخل شقتها تتأملها للحظة ما الفارق بينهما وبين المقابر لاشئ ، لا شئ سوي هذا الصمت هذه الوحدة التي تحياها منذ سنوات ، ما فائدة كل هذا الترف إذا كانت الوحدة هي ما تغلفه .
ترمي حقيبتها تجر جسدها المتعب وتلقي به علي السرير تحدق في لاشئ عقلها لا يردد سوي شئ واحد مريم ..... مريم ....مريم
يتبدد صمت المكان برنين هاتفها تنتبه كل حواسها تتعرف علي المتصل من الرنة شعور غريب بالراحة ممزوج بالفرح تسرع بالبحث عن حقيبتها تروح وتجيئ بسرعه لا تريد أن تفقد الإتصال ها هي الحقيبة الغبية تلتقط أنفاسها تبتسم لتخبئ الحزن في صوتها
- ألو
- وحشتيني
- تتسع أبتسامتها – طب فينك من الصبح ؟
- أنتي اللي فين مروحتيش الشغل انهارده ليه ؟
- ابداُ كان عندي كام مشوار
- طب وحشتيني مش هاشوفك ولا ايه ؟
- بدلال انثوي أمممممممممم افكر
- بشئ من الحزم والثقة - لا مش هاتفكري ساعتك كام ؟
- اتنين ونص
- خلاص معادنا خمسة
- ضحكة خفيفة – ماشي
- يلا سلام بقي
- استني مقولتش فين ؟
- مكان ما انتي عارفة
يغلق الخط كم يهوي ان يكون صارماً غامضاً تلقي هاتفها علي السرير ومعه كل احزانها التي بددها صوتة تدور في حلقات بفرح طفولي لا تعرف مصدره ، تتذكر فجأه انها لم تأكل منذ الصباح اتجهت إلي المطبخ في الطريق لم تنسي أن تدير اغانيها المفضلة يعلو صوت الموسيقي فتتحرك بخطوات راقصة تريد أن تغير مزاجها أن تنسي ولو لساعات كل جراحها أن تخفيها بالإبتسامة والرقص انها كمن تضع مساحيق التجميل لتخفي عيباً في وجهها اما هي فتخفي جروح قلبها وهذا الجرح الغائر داخل روحها .
تأكل بشهية تفتقدها من زمن يمر بخاطرها تبتسم لماذا ؟ لماذا هو يملك هذا التأثير بالتأكيد ليس الأكثر وسامة ولا الأكثر ذكاءاً ولا الأغني لكن .....به شئ غريب شعور بالراحه بالسعاده ينتابها وهي معه يتوقف عقلها عن التفكير يتوقف الزمن عن الدوران هو فقط من يستطيع فعل ذلك ... ربما لأنه ليس كالآخرين ؟ ربما لأنه يعاملها علي انها شئ مختلف ربما ينبغي الا تعرف سره فيفقد سحره ... تريحها هذه الفكرة تنهي طعامها تستعد للخروج ماتزال لا ترغب في القيادة وخاصة ان موعدها في وسط البلد سيخنقها الزحام بالتأكيد سأركب المترو ، تحزم أمرها تضع نظارتها الشمسية تدير مشغل الأغاني ترفع صوتة لأقصي درجة – ربما الوقت متأخراُ بعض الشئ علي إرتداء النظارة – لكن هكذا تحب ان تكون مختفية لا تزعج نفسها برؤية عشرات الوجوه بكل تعابيرها سماع غوغائهم حكاياهم التي لا تنتهي
تعرف وجهتها جيداً هنا سارت معه عشرات المرات في هذه الشوارع التي يحفظها هو عن ظهر قلب يعشق وسط البلد بسحرها بانماط البشر التي تغويهم ويصبحون مريديها ومرتاديها من محلات ومقاهي وأرصفة
تراه من بعيد تتسع ابتسامتها تنفصل عن ماحولها ويصبح هو وجهتها يعلو صوت فيروز في سمعات أذنها اشتقتلك .. اشتقتلي ... تعرف شو عم بتقولي
تواجهه بابتسامتها ينتبه إليها فيقف مبادلها ابتسامتها تعبر الطريق إلية فتمتلئ عنيه بالشوق – طيب انا عم قولك اشتقتلك اشتقتلك ( صوت فيروز ) – تعلو وجهه فجاه نظره غريبة تحاول فهمها تستمر في السير ، ينظر للإتجاه الأخر في رعب تحاول إستيعابه تنظر إلي حيث ينظر انها......انها سيارة قادمة نحوها بسرعه يحاول السائق ان يتفاداها لكنها عبرت فجأه امامة , يرتفع صوتة كلالالالالالالالالالا
........................... يتبع
16

إلتئام روح ( 2 )

يعلو طنين المنبه تنتبه فجأه علي صوته تسرع بإيقاف صوته المزعج قد حان موعد إستيقاظها تحاول ان تذكر كم من الوقت مر عليها وهي علي هذه الحالة لا تستطيع تغمض عينيها في بطء في محاولة لإستخلاص اخر قطرات دموع تشعر بألم حارق في عينيها لابد انها هكذا منذ وقت طويل ألهب البكاء خديها ربما حان الوقت لكي تزيح هذا الكابوس بعيداً تأخذ نفساً عميقاُ تخرجة ببطء علها تستطيع ان تتماسك ترفع جسدها من علي السرير تجر نفسها نحو الحمام تقف تحت الدش ماء ساخن لابد ان يكون ساخن عله يستطيع أن يذيب بعضاً من أحزانها تتهاوي علي أرضية الحمام تجمع شتات نفسها وتحتضنها تمر الدقائق ولا يوجد سوي صوت الماء تغلق الصنبور تلف جسدها ببشكير تواجه مرآه الحمام إنعكاس صورتها مموه تمسح بيدها بخار الماء تشعر ببعض الراحة أعاد الماء الساخن بعض الدماء إلي وجهها الشاحب يتصاعد الدخان مرةً أخري لتختفي صورتها شيئاُ فشيئاُ لماذا لا اصير خيطاَ من دخان يختفي في لحظات ؟
تواجه مرآه أخري تمعن النظر فيها تلمح بطرف عينيها إطار داخلة صورتها تلتقطة تتفحص صورتها تحدثها
- ما أشبهني بكي أظن أن وجهك هذا حمل لعنة ما نقلتيها إلي ربما كنتي انتي هذه اللعنة لما كان يجب أن تكوني هكذا لما ؟
تتجه لدولاب ملابسها حسنأ بنطال جينز أزرق غامق بلوزة سماوية و...... تعيد التفكير لحظة وتقرر أمراً ما – لابد ان ينتهي .... لابد ، تعيد الأولي وتخرج شيئاً أخر تتوجه إلي مطبخها تشغل ماكينة القهوة تخرج من مبردها بعض الأطباق تذهب لإرتداء ملابسها علي عجل تحضر القهوة تجلس علي الطاولة تعاف نفسها الطعام فتزيحة جانباً
تلتقط هاتفها المحمول تبحث داخل الأرقام تتوقف عند رقم تتردد في طلبه تفكر للحظة وترجي ترددها بضغط زر الإتصال
- آلو
- ألو
- مين معايا
- ميرنـ ....
- مين ؟
- أنا ... أنا ...ندي ...ندي كساب
- يأتي صوت محدثتها فرحاً ندي أهلا أهلا ازيك يا حبيبتي فينك وفين أراضيكي وحشـاني كويس انك لسه فكراني – في لهجة أسي - شوفتي يا ندي الولاد عملوا فيا أيه ؟
- تقاطعها في حدة مدام سعاد أنا كنت عاوزة أسألك علي حاجة
- ................................
- أه .. أه خلاص فهمت متشكرة قوي سلام
تنهي المكالمة قبل أن تنتظر الرد قاطعة أي محاولة في إعادتها إلي حياتها . تغلق باب الشقة تغطي شعرها بالإيشارب الأسود تضع نظارتها تقرر ألا تقود ستستقل تاكسي تتصل بعملها تتعتذر عن الحضور توقف تاكسي
- إلي أين ؟
- مقابر الإمام
بعد أكثر من ساعه من البحث اخيراً وصلت وجدت حارس المقبرة راوغها كثيراً وتشكك في إنها من عائلة الكساب كان عليها أن تثبت ذلك فأخرجت من حقيبتها ورقات نقدية دستها في يده فكانت دليلاً دامغاً لا يقبل الشك فتحت الأبواب التي تراها لأول مرة واجهت شاهدين القبر أحدهما يحمل أسم نور كساب والآخر بلا أسم - يا إلهي لقد فعلوا كل مايستطيعون ليعذبوكِ للنهاية هاأنا هنا أخيراًَ بملابس الحداد ربما كان يجب أن أكون هنا منذ أمد ؟
تفتح راحتيها تقراء الفاتحة ، تخرج من حقيبتها مصحفاً صغيراً تقراء سورة ( مريم ) لطالما احببتيها ، تصدق
تقف أمام الشاهد المجهول تركع تمد يدها لحائط القبر تهمس مريم .... مريم ها أنا ذا يعلو صوتها شيئاً فشيئاً لماذا تطارديني ؟ ما الذي تريديه ؟ اما يكفيكي كل هذه السنوات ؟ الا يكفيكي كل هذا العذاب ؟
تبدأ في الصراخ فقط اخبريني ؟ توقفي عن تعذيبي بهذا الكابوس ، أرجوكي توقفي عن أحيائه ليلة بعد ليله
تجهش بالبكاء تسند رأسها علي حائط القبر أخبريني ماذا حدث ، ماذا فعلتي أو ماذا فعلوا بكِ ؟ لا تتركيني هكذا ........ لا تتركيني .......لم أعد احتمل ......لم أعد أحتمل


.................... يتبع

Siguiente Anterior Inicio