7

للبعض ذكري فقط ...





كعادة كل يوم في نهاية يوم طويل متعبة ... ومازال علي فمي طعم الضحكات فزملائي في الكورس يأتون دوماً بطعم الفرح ، ولم لا فما يجمعنا ليس سوي فصل ومُدرسة ومزاح ...
علي باب المترو وقفت متجنبة الزحام ... أخترت أن أكون أخر الصاعدين ... ما إن وضعت قدمي علي أول سلمة حتي صدمتني رائحة عطر الرومبا القوية أمامي قطيع صغير من أسرة تصعد بتباطئ غريب
تتأرجح أمامي أم وأبنتها وبجواري الوالد وأنفلت الولد من موكبهم البطئ وسبق بالصعود ... سألت نفسي أي شابة ذات ذوق ردئ تتعطر بعطر الرومبا الذي لا يليق الا بسيدة أربعينية !!! ...
لمت نفسي ربما هو لوالدتها ولقوتة لا اميز أيهما تتعطر به ... الركب يتحرك ببطء ويبدوا أن العمر سيمضي وأنا أصعد السلالم ... حسناً سأحاول أن أتخاطهم ، أصتدمت بها فنظرت إلي بوجه متنمر تناثرت عليه درجات من الفوشيا مابين لامع ومطفي يتنافر مع البشرة السمراء ... أعتذرت منها وطلب منها والدها أن تفك أسري وتسمح لي بتخطيها ....
صحيح أني لا أتأنق في العادة ... ولا أتعطر لتحسسي من العطور ... لكن عيني تتأذي من رؤية كل ما يتنافر معها وأنفي لديها ذاكرة لا تخيب
لا أذكر متي تكونت لدي ذاكرة للروائح ... في ركن قصي من ذاكرتي هو هناك ابتسامتة المحببة ... الطريقة التي يصفف بها شعره ... نظرة عينية ... تأففة حينما يغضب ... الطريقة التي ينفث بها دخان سيجارتة ... مشيتة المتبخترة التي يهز فيها جزعة متباهياً بطولة الفارع ... يخفي تقوسا خفيفاً في ساقة اليسري يكاد ألا يري انا أراه وهو قادم من بعيد لأنه أخبرني عنه ... لكنة بلا رائحة !! لا أذكر نوع عطرة مع أنه كان يتعطر  تحضر صورتة كاملة في ذاكرتي الا رائحتة ... كان يقول لي أن رائحتي تشبة رائحة الزهور ، ولم أعرف أبداً ما ذا تشبة رائحتة ....
في وقت كنت أنا أخري كان هو أقرب أصدقائي وكاتم أسراري وأبي ومعلمي ... ورائحة مميزة ... لا تحبها ولا تكرها لكنها قوية تلفحك قبل أن تقترب منه ... كانت تشع من كل شئ حولة وكانه يثبت ملكيتها له ... أوراقة ... نظارتة ... قداحتة ... حتي طعم القهوة معه ... أحياناً ما تتسرب إلي رائحة ذكراك فأرسل لك سلاماً ... فأتمناك بخير أينما كنت.
أما هو فلقائنا الأول منفردين دون أصدقائنا المشتركين كان صدفة ... أكتشفنا وجودنا في نفس المربع الجغرافي فألتقينا ذات مساء شتوي ... اعتذر لي عن ذقنة الطويلة التي لم يحلقها منذ أيام بسبب إنشغاله في العمل ... لا شئ يهم ... أعطاني ظهره ليتعد لعبور الطريق وتحركت في نفس الإتجاه ودن ان يتعمد أحدانا كنت قريبة جداً فأحتلتني رائحتة أحتلالاً ... وحتي دون أن يلحظ هو ... لتخلد رائحتة ذكراه بكل تفاصيلها وكأنها لعنة ما ...
نعم للبعض ذكري فقط ... وللبعض ذكري ورائحة
Siguiente Anterior Inicio